nippon.com : المانغا ليست فقط في اليابان

10/10/2013

على الرغم من اكتساب المانغا اليابانية شعبية كبيرة في الخارج، فإن القارئ الياباني ليس لديه دراية كافية بوجود قصص مصورة ومطبوعات مماثلة منتجة خارج اليابان. نتحدث في هذه المقالة إلى فريدريك توتيلموندالفرنسي الذي يسعي لتغيير تلك النظرة السطحية.

”لقد تطورت المانغا بشكل ذاتي داخل المجتمع الياباني وتتمتع بنفوذ قوي وشعبية طاغية. وإذا أشرت إلى الكلمة الإنجليزية (Comics) أو القصص المصورة، فإن اليابانيين سيفكرون تلقائياً وبدون تردد أنك تتحدث عن المانغا متناسيين أن هذا الشكل الثقافي ذاته موجود ولكن بصيغة مختلفة خاصة بالدول الأخرى“.

هكذا تحدث فريديريك توتيلموند، رئيس اللجنة التنفيذية لمهرجان القصص المصورة الأجنبية في طوكيو والذي جرت فعالياته في ١٨ نوفمبر/ تشرين الثاني ٢٠١٢، في بيغ سايت (مدينة المعارض الدولية في طوكيو).

ويطلق تسمية bandes dessinées على القصص المصورة المنتجة ​​للجمهور في فرنسا وبلجيكا، ويتم اختصار هذه العبارة بالحرفين BD. كما تنتج هذه القصص المصورة عموماً بالألوان الكاملة وعلى شكل منشورات تشابه ألبومات الصور، وتعتبر شبيهة للمانغا اليابانية في تلك المنطقة. بدأ توتيلموند مجلة متخصصة وهي سميت بمانغا اليورو (Euro Manga) عام ٢٠٠٨ تهدف إلى زيادة شعبية الـ BD في اليابان. وكان مهرجان القصص المصورة الأجنبية إحدى الأفكار التي تكونت بعد إطلاق المجلة، وقد لاقت تأييدا واسعا كمبادرة لتحفيز التبادل الثقافي الدولي من خلال المانغا.

تزامن المهرجان مع حدث آخر يدعى Comitia، وهو معرض لعرض وبيع إصدارات المعجبين والهواة. وقد نصب الناشرون والسفارات من أوروبا وأمريكا الشمالية وآسيا أكشاك في المعرض والذي تضمن أيضاً مبيعات العديد من المنشورات التي يصعب الحصول عليها عادة في اليابان. وأتاح الرسامون والكتّاب من كل البلدان أوقاتهم لإعطاء التوقيعات الشخصية وكان المهرجان فرصة ممتازة للقراء للقاء أشخاص آخرين لهم نفس الاهتمامات. وكان أحد الأشياء البارزة في هذا الحدث جلسة النقاش بين بعض فنانين BD الشهيرين ”أوتومو كاتسوهيرو وأوراساوا ناوكي“ وهما رساما مانغا من اليابان.

يقول توتيلموند ”إن التعرف على الرسوم المصورة ​​في الخارج يمكن أن يكون مربحاً لصناعة المانغا في اليابان. أما بالنسبة للقراء فإنها فرصة ذهبية للعثور على مواد جديدة وإعطاء براحاً أوسع للأذواق الشخصية. لقد وجدت نفسي بشكل غير متوقع في بيئة عرفتني على الرسوم المصورة BD والكوميكس الأمريكية والمانغا اليابانية معاً. وهو أمر إيجابي بشكل كبير بالنسبة لي“.

حلم لم يتحقق

أحب توتيلموند القصص المصورة بشغف عندما كان طالباً في المدرسة الثانوية وكان مصمماً ان يصبح فنان مانغا. وقد تأثر بشكل خاص بـ ”أكيرا“ وهو من أعمال ”أوتومو كاتسوهيرو“ والسعي إلى طائر الوقت (La Quête de l’oiseau du temps)، التي كتبها سيرج لو تيندر ورسمها ريجيس لواسيل.

“السعي إلى طائر الوقت” التي كتبها سيرج لو تيندر ورسمها ريجيس لواسيل (الناشر الياباني: اسوكا شينشا).

”كان إطلاق النسخة اليابانية لعمل ”السعي إلى طائر الوقت“
(La Quête de l’oiseau du temps) في ٩ نوفمبر/ تشرين الثاني. وهي قصة خيالية يبرز عنوانها في المقدمة مع أفضل عناوين الأعمال الأمريكية واليابانية. وقد شعرت بسعادة غامرة عندما قرأت هذا العمل“.

وقد دعا توتيلموند الرسام لواسيل لمهرجان الرسوم المصورة الأجنبية للمشاركة في جلسة النقاش التي جرت مع أوتومو كاتسوهيرو.

”كان يمكن أن يكون حلماً بالنسبة لي أن أجمع اثنين من الاشخاص الذين نالا إعجابي منذ الطفولة على نفس المسرح. ولكن مع الأسف، لم يتمكن لواسيل من المجيء إلى اليابان بسبب مرض أحد أفراد أسرته. كان هذا أمراً مؤسفا حقاً. أردت أن أعطيه نسخة من النسخة اليابانية لعمله الشهير ولكن لم أتمكن من فعل ذلك. الأمر ليس مجرد أنني أحب أعماله فقط، ولكن هو بلا شك شخصية رئيسية في عالم ال BD حيث ستخلد أعماله في التاريخ“.

وفيما يتعلق بموضوع المحترفين في عالم الـ BD، كانت وفاة جان جيرو في مارس/ آذار ٢٠١٢، الذي كان يعمل تحت الاسم المستعار موبيوس خبراً مخزناً لنا جميعاً. وقد ذكر أوتومو أوراساوا وغيره من فناني المانغا اليابانيين علناً ​​انهم قد تأثروا إلى حد كبير بأعماله. وقد صدم ميازاكي هاياو، المؤسس الشهير لاستوديو جيبلي للرسوم المتحركة عندما قرأ أحد أعمال جيرو، أرزاش. في مقابلة الفيديو هذه، يشير ميازاكي إلى أن هذا العمل أثر بشكل كبيرعلى فيلم الرسوم المتحركة التي أنتجته جيبلي والذي يدعى (Nausicaä of the Valley of the Wind).

من الصعب لتوتلموند مقارنة فنان كبير مثل لواسيل:

”تتمتع أعمال لواسيل بمعيارات عالية حيث يمكن مقارنته على قدم المساواة مع موبيوس. الجيل الذي تأثر بموبيوس، ولاسيما فنانو المانغا الذين اكتشفوا عالم الرسوم المصورة في فرنسا وبلجيكا في فترة الثمانينات وبعدها، تأثروا أيضاً ودون استثناء بأعمال لواسيل. بالنسبة لهؤلاء في الثلاثينات من عمرهم، مثلي، لم يكن هناك أي عمل قد ضرب بقوة على وتر حساس كما هو الحال في عمل ”السعي إلى طائر الوقت“. فهناك أصالة وإبداع في تطوير القصة وانتقاء الشخصيات. لقد كان حقاً عملاً سبق به عصره. أنا لا أعتقد أنه من قبيل المبالغة القول إن أعمال الخيال البطولية قد أخذت بشكل جدي أكثر بفضل هذا العمل“.

بزوغ نجم جيل جديد

كان من الصعب أن يحل أحد ما مكان مثل هذه الشخصية الرئيسية، ولكن باستيان فيفِ وافق على حضور هذا المهرجان كبديل. ويصف توتيلموند هذا المبدع:

”إنه فنان شاب اكتسب الكثير من شعبيته في فرنسا. هو ذو ٢٨ ربيعاً ومع ذلك عمل على نشر عشرين عملاً ذات مجموعة واسعة من المواضيع بما في ذلك المغامرة والأسرة والتعليم والباليه، والأعمال الجنسية. بعد تغطية هذا العدد الكبير من المواضيع في هذه السن المبكرة، انضم هذا الفنان الشاب إلى صفوف الفنانين الكبار. أعتقد أنه وبدون شك سوف يكون متواجداً في الساحة الفنية لفترة طويلة من الوقت“.

كان من المؤسف حقاً عدم تمكن لواسيل من حضور هذا الحدث، ولكن بالنسبة للجمهور الياباني، يمكن أن ينظر إلى فرصة التعرف على فيفِ كمنعطف مصيري. فهو، أيضاً تأثر بالمانغا اليابانية كما أن لديه بعض الأفكار الجديدة حول عملية إنتاج الأعمال. يقول توتيلموند ان فيفِ هو ذو شخصية مختلفة عن أي فنان آخر زار اليابان من قبل.

يميل أكثر فنانو الـ BD التقليديون إلى فصل الرسم عن عملية كتابة القصة. كما أنهم من النادر أن يعملوا جنباً إلى جنب مع فنانين آخرين. فيفيس يقول انه يختلف في هذه النقطة وهو سيكون سعيد جداً بالعمل مع فنانين آخرين على مشاريعه.

بولينا هو عمل الفنان فيفِ © Casterman

 

باستيان فيفِ © I. Franciosa

 

واضاف ”انه يتعاون مع الأصدقاء عند إنشاء محتوى القصة. كما انه يعمل بشكل رئيسي مع وسائل الإعلام الرقمية. يمكنك أن تقول إن تقنياته هي ثورية إلى حد ما. إنه يعرض مادته على مدونته التي تجذب المزيد من المعجبين، وثم تنشر أعماله. لقد أصبح هذا النوع من العمل الفريد ممكناً في الآونة الأخيرة فقط“.

يعمل فيفيس حالياً على الرسوم المصورة المتعلقة بالفنون القتالية في أسلوب المانغا الياباني ويستخدم سلسلة باكومان (*١) كمرجع. يقول انه يستخدم نظام إنتاج خاص بعالم المانغا الياباني، حيث يرسم نحو ٢٠ صفحة في الأسبوع.

قصة فنان

يمانويل لوباج © François Lepage

إ

مقارنة مع فيفِ، هناك الفنان إيمانويل وباج، الذي اكتسبت أعماله انتباهاً خاصة خلال السنوات القليلة الماضية. يكتب ويرسم بنفسه وقد أصبح راوياً قصصياً متميزاً. تتناول قصته موتشاتشو الثورة، في حين يتناول عمله الأخير الربيع في تشيرنوبيل، قضايا الطاقة النووية.

”قضى وباج أسبوعين في قرية بالقرب من تشرنوبيل في أبريل/ نيسان ٢٠٠٨ وهذا العمل هو تصوير لوقته هناك. يمكن أن تسميها ريبورتاج أو يمكن أن تصف هذا العمل على أنه مجرد مجموعة من المقالات التي تصف أفكاره وتجاربه. خلال رحلته في أوكرانيا، قال انه يسأل نفسه باستمرار لماذا هو هناك. على الرغم من أنه ذهب لاكتشاف ما يسمى ”منطقة الموت“، اكتشف في نهاية المطاف الحياة، وأناس نابضة بالحيوية والطبيعة الوفيرة. عمله ليس موقفا لصالح أو ضد الطاقة النووية، بل هو اعتبار لما شهد في تلك الرحلة“.

 

(من اليمين) “الربيع في تشيرنوبيل” © Futuropolis، “موتشاتشو” عمل للفنان لوباج © Dupuis ٢٠٠٤ـ ٢٠٠٦

.

 

الفن الذي أتى بتوتيلموند لليابان

فنان ماهر آخر يجب أن يذكر هو البلجيكي فرانسوا شويتين. بينما يجمع بين الذوق الفني والروح الحرفية، يبرع في التراكيب مع الخلفيات الحضرية ويصور عوالم الأحلام من خلال خطوط دقيقة وحساسة. وعلى النقيض من الوتيرة عالية التي تميز أعمال فيفِ وفناني المانغا اليابانين، يقال أن شويتين يقضي حوالي الأسبوع في رسم صفحة واحدة. عمله الأكثر شهرة، المدن المحجبة وصفه توتيلموند بأنه ”تحفة تجمع بين الفن والأدب“.

(من الأعلى) فرانسوا شويتين، بينوا بيترز.

 

“المدن المحجبة” (شوغاكوكان شويشا للإنتاج).

كان شويتين مسؤولا عن الصور في هذا العمل، بينما كتب القصة الكاتب بينوا بيترز. وتوتيلموند معجب كثيرا بأعمال هذا الكاتب، كما أن هناك علاقة شخصية أيضاً. فقد تعاون بيترز مع فنان المانغا فريدريك بواليت، الذي كان قد عاش أكثر من ١٠ أعوام في اليابان، لإنتاج عمل ”طوكيو هي حديقتي“ في عام ١٩٩٨.

عمل “طوكيو هي حديقتي” من قبل بيترز بواليت © egocommex

 

”وكان هذا العمل سبب مجيئي إلى اليابان. فقد كان تخصصي اللغة اليابانية في الجامعة، ولكن في السنة الثانية شعرت بأنني لم أكن أعرف الكثير عن هذا البلد وفكرت جدياً في التخلي والتوقف عن الدراسة. كان ذلك عندما اكتشفت هذا العمل الفني. اعتقدت عندما قرأته ”ربما أستطيع العيش في اليابان في نهاية الأمر“. حتى ذلك الوقت تصورت اليابان على أنها عالم غريب وبعيد. فبدت طوكيو مدينة هائلة وساحقة لا تصلح كمكان للعيش بشكل مريح. كانت طوكيو في هذا العمل الفني مدينة هادئة تشعر فيها بالسلام. بدت الصورة التي تم تمثيلها في هذا الكتاب المكان المناسب لي تماماً. كان هذا في الحقيقة أول شيئ جذبني للمجيء لرؤية المدينة بنفسي. فلولا بيترز لما كان هناك مهرجان للقصص المصورة الأجنبية أصلاً“.

(المقالة الأصلية باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية)

(*١) تم نشر باكومان عن طريق وسيط وهو مجلة شونين الأسبوعية للمانغا من عام ٢٠٠٨ حتى عام ٢٠١٢. كتبها نفس الفريق المبدع المسؤول عن كتابة عمل ”مذكرة الموت“، وهي سلسلة تتناول الفنان ماشيرو موريتاكا والكاتب الطموح اكيتو تاكاجي، اثنين من تلاميذ المدارس الذين يرغبون في رسم القصص المصورة.

 

الكاتب:

فريديريك توتيلموند

فريديريك توتيلموند

Frédéric Toutlemonde

ولد في ليلاس الواقعة في ضواحي باريس عام ١٩٧٨. حصل على شهادة البكالوريوس في اللغة والثقافة اليابانية من جامعة باريس ديدرو. زار اليابان لأول مرة عام ١٩٩٩ وانتقل للإقامة بهاعام ٢٠٠٣. يعمل حاليا في السفارة الفرنسية وفي نفس الوقت يعمل على إدارة مجلة مانغا اليورو كما يرأس اللجنة التنفيذية لمهرجان القصص المصورة الأجنبية في طوكيو.

المقالة منقولة من nippon.com بتصريح مسبق، للحصول على مقالات مثل هذه واكثر يمكنكم زيارة الموقع :

http://www.nippon.com/ar

عبدالله قريطم مدير موقع انمي العرب، يعمل على تقديم كل ما هو جديد عن عالم الانمي والمانجا وكذلك العاب الفيديو.

اترك تعيقك.